فصل: قال أبو حيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الجوهري: ويقال للطلع هَضيم ما لم يخرج من كُفُرّاه؛ لدخول بعضه في بعض.
والهضيم من النساء اللطيفة الكشحين.
ونحوه حكى الهروي؛ قال: هو المنضم في وعائه قبل أن يظهر؛ ومنه رجل هضيم الجنبين أي منضمهما؛ هذا قول أهل اللغة.
وحكى الماوردي وغيره في ذلك اثنى عشر قولًا: أحدها: أنه الرطب اللين؛ قاله عكرمة.
الثاني: هو المذنِّب من الرطب؛ قاله سعيد بن جبير.
قال النحاس: وروى أبو إسحاق عن يزيد هو ابن أبي زياد كوفي ويزيد بن أبي مريم شامي {وَنَخْلٌ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} قال: منه ما قد أرطب ومنه مذنِّب.
الثالث: أنه الذي ليس فيه نوى؛ قاله الحسن.
الرابع: أنه المتهشم المتفتت إذا مس تفتت؛ قاله مجاهد.
وقال أبو العالية: يتهشم في الفم.
الخامس: هو الذي قد ضمر بركوب بعضه بعضًا؛ قاله الضحاك ومقاتل.
السادس: أنه المتلاصق بعضه ببعض؛ قاله أبو صخر.
السابع: أنه الطلع حين يتفرق ويخضر؛ قاله الضحاك أيضًا.
الثامن: أنه اليانع النضيج؛ قاله ابن عباس.
التاسع: أنه المكتنز قبل أن ينشق عنه القشر؛ حكاه ابن شجرة؛ قال:
كأنّ حَمولةً تُجْلَى عليهِ ** هَضِيمٌ ما يُحسُّ له شُقُوقُ

العاشر: أنه الرخو؛ قاله الحسن.
الحادي عشر: أنه الرخص اللطيف أوّل ما يخرج وهو الطلع النَّضِيدُ؛ قاله الهروي.
الثاني عشر: أنه البَرْنِيّ؛ قاله ابن الأعرابي؛ فعيل بمعنى فاعل أي هنيء مريء من انهضام الطعام.
والطلع اسم مشتق من الطلوع وهو الظهور؛ ومنه طلوع الشمس والقمر والنبات.
قوله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الجبال بُيُوتًا فَارِهِينَ} النَّحت النَّجر والبَرْي؛ نحته ينحِته بالكسر نحتًا إذا براه والنُّحَاتة البُرَاية.
والمِنْحَت ما ينحت به.
وفي وَالصَّافَاتِ قال: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات: 95].
وكانوا ينحتونها من الجبال لما طالت أعمارهم وتهدّم بناؤهم من المدر.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع: {فَرِهِينَ} بغير ألف.
الباقون: {فَارِهِينَ} بألف وهما بمعنى واحد في قول أبي عبيدة وغيره؛ مثل: {عِظَامًا نَّخِرَةً} [النازعات: 11] و{نَاخرَة}.
وحكاه قطرب.
وحكى فَرُهَ يفرُه فهو فاره وفَرِهَ يفرَه فرِهٌ وفاره إذا كان نشيطًا.
وهو نصب على الحال.
وفرق بينهما قوم فقالوا: {فَارِهِينَ} حاذقين بنحتها؛ قاله أبو عبيدة؛ وروي عن ابن عباس وأبي صالح وغيرهما.
وقال عبد الله بن شدّاد: {فَارِهِينَ} متجبرين.
وروي عن ابن عباس أيضًا أن معنى: {فَرِهِينَ} بغير ألف أشرين بطرين؛ وقاله مجاهد.
وروي عنه شرهين.
الضحاك: كيِّسين.
قتادة: معجبين؛ قاله الكلبي؛ وعنه: ناعمين.
وعنه أيضًا آمنين؛ وهو قول الحسن.
وقيل: متخيرين؛ قاله الكلبي والسدي.
ومنه قول الشاعر:
إلى فَرِهٍ يماجد كلَّ أمرٍ ** قصدتُ له لأختبر الطِّباعَا

وقيل: متعجبين؛ قاله خُصيف.
قال ابن زيد: أقوياء.
وقيل: فرهين فرحين؛ قاله الأخفش.
والعرب تعاقب بين الهاء والحاء؛ تقول: مدهته ومدحته؛ فالفرِه الأشِر الفرِح ثم الفرح بمعنى المَرح مذموم؛ قال الله تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأرض مَرَحًا} [الإسراء: 37] وقال: {إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين} [القصص: 76].
{فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ وَلاَ تطيعوا أَمْرَ المسرفين} قيل: المراد الذين عقروا الناقة.
وقيل: التسعة الرهط الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
قال السّدي وغيره: أوحى الله تعالى إلى صالح: إن قومك سيعقرون ناقتك؛ فقال لهم ذلك، فقالوا: ما كنا لنفعل.
فقال لهم صالح: إنه سيولد في شهركم هذا غلام يعقرها ويكون هلاككم على يديه؛ فقالوا: لا يولد في هذا الشهر ذكر إلا قتلناه.
فولد لتسعة منهم من ذلك الشهر فذبحوا أبناءهم، ثم ولد للعاشر فأبى أن يذبح ابنه وكان لم يولد له قبل ذلك.
وكان ابن العاشر أزرق أحمر فنبت نباتًا سريعًا؛ وكان إذا مر بالتسعة فرأوه قالوا: لو كان أبناؤنا أحياء لكانوا مثل هذا.
وغضب التسعة على صالح؛ لأنه كان سبب قتلهم أبناءهم فتعصبوا وتقاسموا بالله لنبيتنه وأهله.
قالوا: نخرج إلى سفر فترى الناس سفرنا فنكون في غار، حتى إذا كان الليل وخرج صالح إلى مسجده أتيناه فقتلناه، ثم قلنا ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون؛ فيصدّقوننا ويعلمون أنا قد خرجنا إلى سفر.
وكان صالح لا ينام معهم في القرية وكان يأوي إلى مسجده، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم، فلما دخلوا الغار أرادوا أن يخرجوا فسقط عليهم الغار فقتلهم، فرأى ذلك ناس ممن كان قد اطلع على ذلك، فصاحوا في القرية: يا عباد اللها أما رضي صالح أن أمر بقتل أولادهم حتى قتلهم؛ فأجمع أهل القرية على قتل الناقة.
قال ابن إسحاق: إنما اجتمع التسعة على سبّ صالح بعد عقرهم الناقة وإنذارهم بالعذاب على ما يأتي بيانه في سورة النمل إن شاء الله تعالى.
{قالوا إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ المسحرين} هو من السحر في قول مجاهد وقتادة على ما قال المهدوي.
أي أصبت بالسحر فبطل عقلك؛ لأنك بشر مثلنا فلم تدّع الرسالة دوننا.
وقيل: من المعلَّلين بالطعام والشراب؛ قاله ابن عباس والكلبي وقتادة ومجاهد أيضًا فيما ذكر الثعلبي.
وهو على هذا القول من السَّحر وهو الرئة أي بشر لك سَحْر أي رئة تأكل وتشرب مثلنا كما قال لبيد:
فإن تسألينا فِيمَ نحن فإنَّنَا ** عصافيرُ من هذا الأنام المُسَحَّرِ

وقال امرؤ القيس:
ونُسْحَرُ بالطَّعام وبالشَّرَابِ

{فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} في قولك.
{قَالَ هذه نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ} قال ابن عباس: قالوا إن كنت صادقًا فادع الله يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء عشراء فتضع ونحن ننظر، وترد هذا الماء فتشرب وتغدو علينا بمثله لبنا.
فدعا الله وفعل الله ذلك ف {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ} أي حظ من الماء؛ أي لكم شرب يوم ولها شرب يوم؛ فكانت إذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله أوّل النهار وتسقيهم اللبن آخر النهار، وإذا كان يوم شربهم كان لأنفسهم ومواشيهم وأرضهم، ليس لهم في يوم ورودها أن يشربوا من شربها شيئًا، ولا لها أن تشرب في يومهم من مائهم شيئًا.
قال الفراء: الشِّرب الحظ من الماء.
قال النحاس: فأما المصدر فيقال فيه شرِب شَرْبًا وشُربًا وشِربًا وأكثرها المضمومة؛ لأن المكسورة والمفتوحة يشتركان مع شيء آخر فيكون الشِّرْب الحظ من الماء، ويكون الشَّرْب جمع شارب كما قال:
فقلتُ للشَّرْب في دُرْنَا وقد ثَمِلُوا

إلا أن أبا عمرو بن العلاء والكسائي يختاران الشَّرب بالفتح في المصدر، ويحتجان برواية بعض العلماء أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنها أيام أكل وشَرْب» {وَلاَ تَمَسُّوهَا بسواء} لا يجوز إظهار التضعيف هاهنا؛ لأنهما حرفان متحرّكان من جنس واحد.
{فَيَأْخُذَكُمْ} جواب النهي، ولا يجوز حذف الفاء منه، والجزم كما جاء في الأمر إلا شيئًا روي عن الكسائي أنه يجيزه.
{فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ} أي على عقرها لما أيقنوا بالعذاب.
وذلك أنه أنظرهم ثلاثًا فظهرت عليهم العلامة في كل يوم، وندموا ولم ينفعهم الندم عند معاينة العذاب.
وقيل: لم ينفعهم الندم لأنهم لم يتوبوا، بل طلبوا صالحًا عليه السلام ليقتلوه لما أيقنوا بالعذاب.
وقيل: كانت ندامتهم على ترك الولد إذ لم يقتلوه معها.
وهو بعيد.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً}. إلى آخره تقدّم.
ويقال: إنه ما آمن به من تلك الأمم إلا ألفان وثمانمائة رجل وامرأة.
وقيل: كانوا أربعة آلاف.
وقال كعب: كان قوم صالح اثنى عشر ألف قبيل كل قبيل نحو اثنى عشر ألفا من سوى النساء والذرّية، ولقد كان قوم عاد مثلهم ست مرات. اهـ.

.قال أبو حيان:

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141)}.
{أتتركون}: يجوز أن يكون إنكارًا لأن يتركوا مخلدين في نعيمهم لا يزولون عنه، وأن يكون تذكيرًا بالنعمة في تخلية الله إياهم وما يتنعمون فيه من الجنات، وغير ذلك مع الأمن والدعة، قاله الزمخشري.
قال ابن عطية: تخويف لهم، بمعنى: أتطمعون إن كفرتم في النعم على معاصيكم؟ وقيل: أتتركون؟ استفهام في معنى التوبيخ، أي أيترككم ربكم؟ {فيما ههنا}: أي فيما أنتم عليه في الدنيا {آمنين}: لا تخافون بطشه. انتهى.
وما موصولة، وههنا إشارة إلى المكان الحاضر القريب، أي في الذي استقر في مكانكم هذا من النعيم.
وفي جنات: بدل من ما هاهنا أجمل، ثم فصل، كما أجمل هود عليه السلام في قوله: {أمدكم بما تعلمون}، ثم فصل في قوله: {أمدكم بأنعام وبنين}، وكانت أرض ثمود كثيرة البساتين والماء والنخل.
والهضيم، قال ابن عباس: إذا أينع وبلغ.
وقال الزهري: الرخص اللطيف أول ما يخرج.
وقال الزجاج: الذي رطبه بغير نوى.
وقال الضحاك: المنضد بعضه على بعض.
وقيل: الرطب المذنب.
وقيل: النضيج من الرطب.
وقيل: الرطب المتفتت.
وقيل: الحماض الطلع، ويقارب قشرته من الجانبين من قولهم: خصر هضيم.
وقيل: العذق المتدلي.
وقيل: الجمار الرخو.
وجاء قوله: {ونخل} بعد قوله: {في جنات}، وإن كانت الجنة تتناول النخل أول شيء، ويطلقون الجنة، ولا يريدون بها إلا النخل، كما قال الشاعر:
كأن عيني في غربي مقتلة ** من النواضح تسقي جنة سحقا

أراد هنا النخل.
والسحق جمع سحوق، وهي التي ذهبت بجردتها صعدًا فطالت.
فأفرد {ونخل} بالذكر بعد اندراجه في لفظ جنات، تنبيهًا على انفراده عن شجر الجنة بفضله.